حملات تحسيسية

سبر آراء

حدد مدى رضاك على مردود البلدية

تاريخ المدينة

تاريخ المديـــــــــنة: "المسعدين"

المسعدين هي إحدى مدن الساحل التونسي الكثيرة تتشابه مع مثيلاتها في أوجه كثيرة وتختلف عنها في بعض مواصفات ذاتية خالصة كخصائص اللّهجة والعادات. وهي مدينة قد تربّعت على جانبي الطريق الرئيسية رقم 1 بين مدينتين جليلتين مدينة سوسة جوهرة الساحل من جهة الشرق على بعد سبعة كيلومترات و مدينة مساكن بلد الأشراف من جهة الغرب على بعد ثلاث كيلومترات. تشهد الآثار القديمة القائمة إلى الآن سواءا في منطقة الرفاعين أو هنشير سلامة أو جبانة سيدي جبران أن هذه المنطقة ذات تاريخ عريق لكن يبقى غير معلوم لقلة الباحثين في الموضوع.


التسميـــــــــــــــــة

أصل تسمية المدينة عند نشأتها الأولى فيستند إلى رواية الفكر الشعبي الذي يرجع الأمر الى لقب كان يكنى به أصلاء هذه البلدة العتيدة،إذ كانوا يلقبون بـ: "الضرابين" هكذا يشاع و لعل ذلك راجع إلى وصف لما بذلوه في حركات الفتح الإسلامي من جهود جهادية في صلب الجيوش العربية. كما يرجع كبار السن بالبلدة أصل هذه التسمية إلى قبيلة عربية وجدت باليمن إسمها "كندة" وهي نفس القبيلة التي انحدرت منها الأسرة الأولى المؤسسة للبلدة. ونظرا لعدم صدور أعمال أو أحداث تسيء إلى سمعتهم في طيات سلوكاتهم مع الدولة وإزاء جيرانهم من أهالي القرى المجاورة فتقول الرواية أن أحد البايات قد تعجب من كناية "الضرابين" التي عرفوا بها فقرر تغيير إسم المدينة إلى "المساعدين (المسعدين)" إعتبارا لحسن سيرتهم و مساعدتهم للناس و بذلك أصبحت تعرف اليوم بهذا الإسم.


التــــــــــأسيس

أما عن تأسيس المدينة فيرجع أنه تم في عهد الدولة الموحدية التي ترعرعت وتجذرت بالمغرب الأقصى ثم امتد نفوذها نحو الشرق حتى استولت على الجزائر وإفريقية. العمران و نشر الدين في عهد الموحدين: وقد اعتنت الدولة الموحدية بتجديد أصول الدين وأعدت لذلك علماء وحفّاظا أكفاء بهم ركزت تعاليمها وعليهم وطدت ركائز نفوذها. فاستوطن بذلك أفذاذ العارفين بمناطق كثيرة من قرى الساحل حيث استقطبوا أسرا وسكانا تجمعوا من حولهم ينهلون من علمهم و يهتدون بهديهم لذلك لا تخلوا قرية من قرى الساحل من رابط له شأن وإحترام في قلوب المتساكنين و قد أضحى دعامة من دعائم كيانها. ومدينتنا بقيت لزمن قريب تجل الولي الصالح "سيدي جبران بن عثمان" وهو مغربي الجنسية.


الأسر و أصولها

أول الأسر الوافدة على القرية في بداية تأسيسها هي أسرة "الحجاجة" حيث تقول الرواية الشعبية إنها قد وردت من المغرب الأقصى تحديدا من الساقية الحمراء و وادي الذهب وهي أسرة عربية أصيلة من قبيلة كندة كما ذكر سابقا جذورها في الجزيرة العربية لذلك بقيت التسمية الأسرية الحجاجي الكندي عالقة بذوات هذه الأسرة. لعل هذه الأسرة كما يشاع قد انتقلت من جهة الحجاز الى المغرب العربي مع الفتوحات الاسلامية الاولى و من ذلك استمدت اسمها اذ لقب الحجاجي هي وصف لمن تجاوز منطقة الحجاز من العرب القدامى و قد عادت نحو الشرق في هجرة مضادة مع الدولة الموحدية واستقرت بالمسعدين كما استوطنت فروع منها كثيرة بعدة قرى من جهة الساحل و مازالت الى الآن تحمل نفس لقب الحجاجي تماما مثل الاسرة التي بالمسعدين اليوم. وقد تفرعت هذه الاسرة الى اسر كثيرة و امتدت إلى ألقاب جديدة معلومة بالبلدة (بن سالم، بن حمد، بن حاج علي، لاغة، بن حاج حسن، التومي، بن الشيخ عمر، بن عبد الكريم، الحجاجي، بن الشيخ عمر، بن عبد الحميد، بن جديدة، الجطلاوي، بوتيتة ...) * ثاني الأسر الوافدة على القرية هي أسرة "الخبابشة" حيث تقول الرواية الشعبية أنها قد وردت وتفرعت هذه الأسرة أيضا إلى أسر كثيرة وامتدت إلى ألقاب جديدة (خباشة، بن حاج علي، خباشة، بن يزة، العجمي، نقلة، شعبان، بن حاج حمد ... ) * ثالث الأسر الوافدة على القرية أسرة "الخليفيين" حيث تقول الرواية الشعبية أنها قد وردت من منطقة سيدي خليفة في الشمال الغربي التونسي. وقد تفرعت هذه الأسرة أيضا إلى أسر كثيرة و إمتدت إلى ألقاب جديدة (الخليفي، المديوني، وشواشة، اللبان، منصور، المؤدب، بن عياد المسعدي، قابوز، لاية، بن حاج حسن لاية، النجار، حمودة، عويوة، الدالي، بن الشيخ حمد، بوبكر ...) * رابع الأسر الوافدة على القرية أسرة "الزقاقلة" و "العلاوة" حيث تقول الرواية الشعبية أنها قد وردت من ليبيا طرابلس تحديدا أما "الزقاقلة" فقد تفرعوا ألقاب معدودة (بن الشيخ بن قاسم، زنينة، بن عبد الله، اسماعيل، خلف الله، البكوش، الاشهب، الاخرش) و"العلاوة" كذلك التي تفرعت إلى ألقاب معدودة وهي ( بن ابراهيم، بن فقيه علي، الشلي، علية، بن خديجة) * أما آخر الأسر الوافدة فهي أسرة "القواسمية" وهي أسرة معلومة المأتى حيث مازال أحفاد الشيخ قاسم الذي ينسب له لقب "القواسمية" يتوارثون أصولهم التي تعود لمنطقة أولاد قواسم تحديدا منطقة "السواسي" من ولاية المهدية و قد تفرعوا إلى أربعة ألقاب هي (دار بن قاسم، بن حسين، برقو، وناس) ويتوارثون نخوتهم وقوة قبيلتهم على مر العصور أصبحت هذه العروش تعيش في كنف حسن الجوار وأصبحت لهم خصوصيات ثقافية ولهجة لها مميزاتها وأساليب زفاف وشخصية متكاملة تميزهم عن بقية القرى


شكل القرية المحصن الشكل الاسلامي

الشكل العمراني لهندسة القرية يرجع إلى المثال الهندسي للمدن الإسلامية التي تلتف حول المسجد الجامع باعتباره ركيزة أساسية في كيانها وتتميز بضيق الأنهج القديمة وتلاحم مساكنها وإلتفافها ببعضها و قلة منافذها وهي هندسة توحي بالرغبة في التحصن من سطوات اللصوص والأعراب الوافدين من القبائل الهلالية كثيرة الانتشار. حيث تروي الذاكرة الشعبية قصة تدمير بعض المغييرين من الأعراب للنواة الأولى للبلدة التي كانت متمركزة في الربوة التي تعلو "وادي الضيق" المحيطة بالولي الصالح سيدي جبران والمعروفة بغرس خليفة لينتقل بعدها الأهالي و يختفون بين أشجار الزيتون في المنخفض المقابل وقاموا ببناء الحي المحصن المعروف الآن بعين الدوارة حول الجامع. كما تفضي منافذ المدينة إلى الرحبة وهي المتنفس الإجتماعي والتجاري للمتساكنين حيث توجد زاوية الولي الصالح سيدي الحفيان وهو ولي خباشي من عرش الخبابشة ومنها تنطلق مراسم الأفراح والأعراس و قد تحولت في عهود سابقة إلى كتاب لتعليم القرآن وهي على عهدنا قد أصبحت بناية عصرية تستغل مستوصف لعلاج المرضى.


فلسفة العمران

المتمعن في فلسفة وخصائص المنازل القديمة يجد أنها مليئة مبنية بالتربة المضروية قوالب ضخمة المعروفة باسم الطابية في شكل جدران دفعة واحدة بشكل جماعي متميز وهي طريقة بناء عرفت عن الحفصيين. تتميز هذه المنازل بمساحات كبيرة وغرف كثيرة يتوارثها الأولاد عن الأجداد بدون تغيير يذكر في عدد الغرف ولعل ذلك يرجع لقلة ذات اليد والرغبة في البقاء ضمن الأسرة الكبرى للانتفاع بتآلف أفرادها و الأمن والسلامة. من خصائص هذه المنازل القديمة أنها مسقوفة بأعواد خشبية فوقها أغطية من أعواد القصب على شكل حصر ثم فوق ذلك حجارة ورقية وتربة مبسوطة لإنسياب مياه الأمطار على السقوف. تختص هذه المنازل القديمة بوجود بئر في وسطها وصهريج لتجميع مياه الأمطار المتأتية من السطوح "الماجل" لتستغل بعدها في غسل الصوف والملابس التي هي مصنوعة أساسا من الصوف.

© 2021 SMI. All Rights Reserved.